الجمعة، 17 يونيو 2011

قراءة لتطورات المشهد السوري

كانت التحليلات السياسية التي رافقت انطلاقة الانتفاضة السورية تشير بوضوح إلى أنّ هذه الانتفاضة تختلف كثيرا عن باقي الانتفاضات العربية. فمن حيث الجغرافيا السياسية تعتبر سوريا من دول المواجهة مع كيان يهود، وكذلك تعتبر قلعة قوية في محور ما يسمى "بالممانعة"، وشكلياً تعتبر حاضنةً للكثير من الحركات الاسلامية الفلسطينية. فكان كثير من المحللين الذين يحلو لهم خلط الأوراق عكسياً يتصورون تطور السيناريو السوري إلى فقدان حركات المقاومة الفلسطينية لملاذ قادتها، وفقدان حزب الله الاتصال بالسند وبإيران، وسقوط قلعة الممانعة والمواجهة التي مثلها النظام السوري عبر عقود كمسرحية لم يصدقها إلا الأطفال.
وكان الكثير من هؤلاء المحللين يغفلون عن أنّ النظام السوري يحافظ على هدوء مطبق لجبهة الجولان، وأنّ هذا النظام قد عمل على تعميق قوة الردع لكيان يهود عبر الهجمات الكثيرة التي كالها كيان يهود لسوريا في لبنان وداخل سوريا، وكان النظام السوري يعلن بأنّه سيرد في المكان والزمان المناسبين، فعمق بذلك من خوف المؤمنين به من قوة الجيش اليهودي. فلم يكن من سوريا "الممانعة" إلا الكلام والخطابات الرنانة التي زادت الطين بلَة وساهمت في تفريغ المنطقة العربية من أي قوة يمكنها أن تجابه التحديات. لكن النظام السوري كان ينكشف في الأزمات الخطيرة مثل احتلال العراق للكويت فاضطرت أمريكا للاستعانة علناً بهذا النظام الذي تنسق معه الكثير من سياساتها، لكن من وراء حجاب حتى تتمكن عن طريق خطاباته وصورته الممانعة من احتواء الحركات الثورية سابقاً والاسلامية لاحقاً كحزب الله وحماس والجهاد وغيرها.