الأحد، 27 مارس 2011

الى الأمام يا أمة الاسلام

في خضم الغليان الشعبي في المنطقة العربية كان لافتاً رؤية بعض التفاعلات الجانبية الناتجة عن هذا الغليان. فبثت الأخبار تصريحات صادرة عن اجتماع الرئيس الروسي ميدفيديف ورئيس وزراء يهود نتنياهو، وكانت هذه التصريحات لافتة. فرئيس روسيا يقول نجتمع مع رئيس وزراء "اسرائيل" في ظل التطورات السلبية الأخيرة في الشرق الأوسط، وقد ذكرني هذا بكلمات تعجب غريبة صادرة عن أحد المفكرين الروس عبر قناة "روسيا اليوم" عندما تسائل" لمصلحة من ما يجري الآن في مصر؟؟ وأما رئيس وزارء يهود فقد كان صريحاً في التعليق عندما ذكر في ذلك اللقاء "أن المنطقة العربية والعالم الاسلامي مقبل على دول اسلامية متشددة تشكل خطراً على "اسرائيل" وروسيا والعالم أجمع. 



وهنا يحتار المرء في فهم ما يريده الكفار منا، ولكن الله تعالى قد بين لنا مرادهم بقوله "قد بدت البغضاء من أفواهم، وما تخفي صدورهم أكبر"، هذه هي اللحظات التي لا يمكن للكفار أن يتسترًوا بعدها. وإلا فما يضير رئيس روسيا إن أرادت الشعوب العربية أن ترسم مستقبلها بيدها؟ ألا يتشدق كحكام الغرب بالحرية والديمقراطية؟ فلماذا إذن هذه التطورات سلبية؟ إذا أراد الشعب في مصر أو اليمن أو سوريا أو ليبيا أو الأردن أن يقول لحكامه كلمة حق، فماذا يضير حاكم موسكو. 
وإذا كان مفهوماً ما قاله رئيس وزراء اليهود، بسبب "الأخطار الوجودية" التي تكتنف دولته والتي يمكن أن تتفاقم بسبب هذه الثورات في المنطقة، وهو قد احتل الديار وقتل العباد، فسيواجه بمثل ذلك، ولا شك، وهو يفهم مرامي الأحداث وما يمكن أن يتولد عنها. وقبل اندلاع الحداث في تونس بشهور، فقد سئل الزعيم اليهودي شمعون بيرس- وهو من كبار المفكرين السياسيين لدى اليهود- عن حالة الضعف العربية التي توفر التربة الخصبة لازدهار اليهود وسياستهم، فأجاب: في مثل هذا الظرف يظهر صلاح الدين. فاليهود يدركون تماماً أن كيانهم سيكون أول ضحية لظهور الاسلام والذي عبر عنه بيرس ب "صلاح الدين" كناية عن القائد الذي سيحرر فلسطين. 
والسؤال الذي يبرز للعلن ألهذا الحد وتلك الدرجة يخيف تحرك شعوب الأمة الاسلامية الكفار؟ والجواب لكل واعً أنه كذلك. ففي الوقت الذي يخفت فيه نجم الغرب، يعلو فيه نجم الشرق. وقد روجوا كثيراً بأن هذا الشرق الذي تنتقل اليه الحضارة هو الصين واليابان، والكل يجمع على ان انتقال القوة الاقتصادية الى هذين البلدين لم ينتجا قوة ذات نفوذ لهما في العالم. وذلك على الرغم من أن حذر ولا يزال من الأخطار الأيديولوجية الكامنة في المنطقة الاسلامية، ونحن نعلم يقيناً بأن الدافع المبدأي هو الذي يمكنها ان تولد كل مظاهر النهضة والمدنية التي يخشى الغرب من انتقالها الى المسلمين. 
ومما يؤكد على ذات المعاني التي بدأنا بها، العبارات الصادرة عن إعلاميين من برلين فعلى أثر توجه ألمانيا لزيادة قواتها في أفغانستان مراضاةً للناتو، بعد رفضها ارسال المشاركة في أعمال الغرب وعلى رأسه الناتو في ليبيا، تلك العبارة المعبرة "هذا هو التفكير الألماني الجديد في العصر العربي". 
وكل هذه الأمور تشير بوضوح الى أن الأمة الاسلامية تقوم بتكسير حاجز الخوف الذي صنعته عقود الحكم الجبري، وهي تقدم المئات، بل الآلاف من الضحايا في سبيل ذلك، فليست المسألة نزهة باتجاه المستقبل، إنما هي مسيرة وسط أمواجٍ متلاطمة من الدموع والدماء، لكنها بإذن الله حركة مباركة باتجاه العزة، ومن يعرف التاريخ يعلم أنه لا عزة ولا بروز إلا بالاستعداد للتضحية، ومن لا يجرؤ على خوض المعارك لا يمكنه أن ينتصر. وأمة كالأمة الاسلامية لا شك أنها قد بدأت فعلاً تشق طريقها نحو مستقبلها "دولة خلافة على منهاج النبوة"، ومهما وضع الغرب أو روسيا او اليهود من عقبات أمامها، فإن القطار قد انطلق، وقد يتباطأ في مرحلة ما، لكن الظاهر أن هذه الانطلاقة تتوفر لها كل الظروف في الأمة وفي المنطقة ومن ضعف أعدائها حتى تحقق الأمة النجاح فيها، وتصل الى مبتغاها، بل إن هذه القطار سيمر بسرعة لم تكن في الحسبان حينما تبدأ أفكار الاسلام بتغذية أبناء الأمة بمفاهيم العقيدة التي تقيم صلب الأمة وتشد من عزيمتها بعد أن تكون قد نفضت عنها غبار "الغرب" ونفوذه وأتباعه، عندها تبرز الأمة الاسلامية شامةً بين الأمم كما أراد بانيها عليه الصلاة السلام، فيذعن العالم وتستكين لها الأمم الأخرى بما رأته فيها من حركة سريعة واتجاه ثابت نحو السمو والارتفاع، فتمسك الأمة الاسلامية بزمام القيادة في العالم، وتتحول باسلامها من أمة جعلها حكام الحقبة الجبرية في الأرذلين الى أمة تصل عنان السماء بقيادة جديدة من المخلصين والواعين، تكون بحق هبة كبرى من السماء الى الأرض.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق